يقول الشاعر حافظ إبراهيم: الأم مدرسة إذا أعددتها أعددت شعبًا طيِّب الأعراق.
تقول “إديونيشن”: المعلّمة مدرسة، إذا أعدَّت طلاّبها جيدًا أعدَّت شعبًا طيِّب الأعراق.
لماذا التركيز على العنصر النسائي في مقولتنا هذه؟ السبب بسيط، وهو أنّ المرأة تشكّل ما يزيد عن 55% من الجسم التعليمي في العالم الذي يبلغ تعداده 80 مليونًا، عِلمًا بأنّ نسبتهنَّ مُرشّحة للإزدياد. كما تبرز وفرة المعلمات في الحضانة والمرحلة الإبتدائية، ما يعزز دورهنّ في بناء الشخصية. فهنَّ يستأثرنَ بنسبة 94% من الجسم التعليمي في صفوف الحضانة مقابل 67% في الصفوف الإبتدائية و54% في المرحلة الثانوية. هذه النسب تتوافق إلى حدّ بعيد مع الإحصائيات في العالم العربي، حيث تشير الأرقام إلى طغيان العنصر النسائي على 64% من التعليم الإبتدائي و48% من التعليم الثانوي، مقارنة بنسبتيْ 38% و29% على التوالي في العام 1970.*
من وجهة نظر إقتصادية، تنفرد المرأة بنسبة كبيرة من مهام التعليم في الدول ذات الدخل المرتفع – التعليم الإبتدائي (81%) والتعليم الثانوي (60%) – مقابل نسبة متواضعة نسبيًا في الدول ذات الدخل المتدنّي – التعليم الإبتدائي (42%) والتعليم الثانوي (25%).*
سرعان ما تتخذ هذه الأرقام وُجهة نحو الأفضل عند دراسة الإحصائيات الصادرة عن مدارس “إديونيشن”، والتي تشير بوضوح إلى نجاحها في ردم الفجوة بين الذكور والإناث في قطاع تكنولوجيا المعلومات مع تعزيز دور المرأة في المناصب القيادية والتنفيذية. فالنساء في مدارسنا تستأثر بما نسبته 58% من منسّقي برامج إدارة التعليم و46% من مدراء المدارس.
إحدى أبرز الحُجَج المُقنِعة لزيادة عدد النساء في الجسم التعليمي يكمن بتأثيرهنّ الإيجابي الواضح على تعليم البنات وتسجيلهنَّ في المدارس. فبالإضافة إلى دورهنَّ الضروري في تعليم الأطفال بشكل عام وتطوير مهاراتهم الإجتماعية بعيدًا عن أدوراهم المهنية النمطية في المجتمعات، تلعب المعلمات دورًا فاعلًا في تشجيع ودعم البنات على إكمال دراستهنَّ والإصغاء إلى شؤونهنَّ. كما تتعاطف معهنَّ وتقدمّ لهنّ المشورة بالأخص في المجتمعات المحافظة التي يُمنع فيها الذكور من تعليم الإناث.
يجدر الذكر أنّ التعليم لا يكتمل من دون حثّ الناس على تحدِّي أفكارهم ومعتقداتهم الخاطئة، مع تشجيعهم على الإفصاح عن مخاوفهم وشؤونهم وطرح الأسئلة والتعبير عن آرائهم المختلفة. في هذا الموضوع، لنبدأ بمجموعة من الأسئلة التي تراود بال “إديونيشن”: ما نفع إستئثار المرأة بنسبة 94% من الجسم التعليمي في صفوف الحضانة إذا نتج عن هذا الواقع غياب العنصر الذكوري عن الأطفال وحرمانهم من دور الرجل المحوري في تكوين الشخصية، خاصة وأنّ المرأة تطغى أصلًا على البيئة المنزلية مع أطفالها؟ تساؤل آخر: هل تختار المرأة مهنة التعليم برضاها أم تتعرَّض لضغوط وفقًا للأدوار المهنية النمطية المعتادة للنساء في مجتمعاتهنَّ؟ في الحالة الأولى تكون المرأة قادرة على التعاطف مع طلابها وطالباتها وحثهم على كسب المعرفة والإستفادة منها. بالمقابل، ينتج عن الحالة الثانية إحباط يؤثر سلبًا على الطلبة في نواحٍ عدة.
واصلي التعلّم، تابعي تحدِّي نفسك، وثابري على تمكين المرأة في داخلك.
* المصدر: أونيسكو